Archives
Catégories
أعطى وزير الثقافة والفنون زهير بللو إشارة انطلاق الطبعة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للموسيقي السيمفونية بحضور سفير فنزويلا التي تحل ضيف شرف الدورة، وعدد من الوزراء ومسؤولي الهيئات والدوائر الحكومية.بالمناسبة، أشار وزير الثقافة والفنون خلال كلمة الافتتاح إلى دور ط، وقال في هذا الإطار إنّ اختيار فنزويلا كضيف شرف دورة هذه السنة، يأتي تكريما للعلاقات الثنائية وهي فرصة أيضا للاحتكاك بين فناني الجزائر وفناني فنزويلا الذي تحمل أوركستراه اسم المناضل سيمون بوليفار.من جهة أخرى، توقّف الوزير خلال كلمته عند جهود الدولة الجزائرية في تشجيع المواهب الموسيقية عبر إنشاء المدارس وإطلاق المهرجانات، التي لعبت دورا في الترويج للفن والثقافة الجزائرية، مجدّدا استعداد دائرته الوزارية لإبقاء الأبواب مفتوحة أمام مختلف الكفاءات الفنية الجزائرية المتواجدة في الخارج والاستفادة من تجربتها للمساهمة في إثراء المشهد الثقافي، وذلك في إطار خارطة الطريق التي اعتمدتها السلطات العمومية قصد النهوض بالقطاع ومنحه المزيد من الحيوية.من جانبه، توقف محافظ المهرجان المايسترو عبد القادر بوعزارة عند أهمية هذا الحدث في أجندة المواعيد الثقافية القارة، وقال إنّه أصبح "علامة فارقة لا يمكن تفويتها في أجندتنا الثقافية حتى بات موعدا ينتظره الجميع وبشغف كبير".وأضاف بوعزارة خلال كلمة الافتتاح أن فريق المهرجان حرص على تقديم برنامج فني وأكاديمي يجمع بين الموسيقي والغناء الأوبيرالي من مختلف دول العالم "في تبادل يعكس جمال التنوّع الثقافي والفني، وتعميق الفهم المشترك بين الشعوب من خلال الموسيقى".في سياق متصل، أوضح المحافظ أنّ المهرجان يعمل على الوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من الجمهور خارج العاصمة، حيث تشهد هذه الدورة برمجة أربع حفلات بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة" بوهران وحفلة بدار الثقافة في القليعة، إضافة إلى الورشات التكوينية التي يشرف عليها كوكبة من أبرز الأكاديميين والأساتذة من مختلف الدول المشاركة، وهي فرصة للطلاب قصد تطوير مهاراتهم واكتشاف قدراتهم الفنية.للإشارة، تعرف الدورة الرابعة عشرة من المهرجان المنظمة إلى غاية 23 أفريل الجاري، مشاركة 16 دولة، مع برمجة سهرات موسيقية وعروض فنية بمشاركة فرق واركسترات عالمية.
في قلب أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح"، لم يكن مهرجان الموسيقى السيمفونية مجرّد فضاء للعروض والحفلات، بل تحوّل إلى معهد مصغّر للموسيقى العالمية، حيث أُقيمت سلسلة ورشات تدريبية متخصصة، أشرف عليها فنانون مخضرمون من مختلف مدارس الموسيقى الكلاسيكية العالمية. وتحوّلت هذه الورشات إلى محطات تكوينية ثمينة، وضعت الطلبة على درب التمرس، وقرّبتهم أكثر من أسرار الآلات والأداء السليم.ورشة البريتون: فن التنفس قبل الغناء في أجواء مفعمة بالتركيز، أدار الثلاثي المكسيكي كارلوس رينوزو، لويزا موردال ورولاندو غارزا ورشة متخصصة لفن غناء الأوبرا والموسيقى السيمفونية. ركّز المؤطرون خلالها على أساس لا غنى عنه في هذا الفن: تقنية التنفس. أكّد كارلوس رينوزو على أهمية التحكم في التنفس وتجاوب العضلات مع الأداء الصوتي، مشيراً إلى أن لحظات التوتر أمر طبيعي حتى عند المحترفين، كما دعا الطلبة للاهتمام بتسخين الصوت قبل الأداء، باعتباره خطوة ضرورية لأي مغنٍ يسعى لاحتراف فن البريتون. بدورها، اختارت السوبرانو لويزا موردال نهجاً عملياً مباشراً، إذ لم تتردد في تحديد مواضع التنفس لدى الطلبة بالإشارة واللمس، مبرزة كيف يمكن للتنفس السليم أن يصنع الفرق بين أداء عادي وآخر استثنائي. وتوجت الورشة بتبادل مكثف للتجارب، وسط إشادة المؤطرين بتطور مستوى الطلبة وسرعة تجاوبهم.عندما يتكلم البيانو بلغتين: ورشتان من اليابان وروسيا في موازاة ذلك، احتضنت قاعات الأوبرا ورشتين مخصصتين لفن العزف على آلة البيانو، أدار إحداهما العازف الياباني توشيكي أوسيو، والثانية العازفة الروسية صوفيا زاريكوفا. حرص "أوسيو" في ورشته التطبيقية على تصحيح وضعيات الطلبة أثناء العزف، من طريقة الجلوس وتحريك الأصابع، إلى كيفية ضبط الإيقاع المتواصل والتمكن من ديناميكية الانتقال بين النغمات. واعتبر العازف الياباني أن شغف الطلبة وحبهم للبيانو أهم من الموهبة ذاتها، وأشاد بوجود خامات موسيقية واعدة. أما زاريكوفا، فاستهلت ورشتها بسماع مقاطع أداء لبعض المتربصين، لتقف بعدها على تفاصيل تقنيات العزف السليم وفق قواعد الموسيقى السيمفونية، من تموضع اليدين، إلى آليات الحفاظ على النوتات وتحقيق الانتقالات السلسة بين الجمل الموسيقية. وكانت الفرصة مواتية لتصحيح بعض المفاهيم التي من شأنها أن تصنع موسيقيًّا حقيقيًّا لا مجرد عازف.السوبرانو: ما بين النفس والصوت قدّمت السوبرانو الروسية مارينا كونوفالوفا ورشة متخصصة لفن السوبرانو، حيث ركزت على كيفية التحكم في التنفس ومخارج الصوت، باعتبارهما حجر الأساس في هذا الأداء، كما استمعت كونوفالوفا إلى أداء الطلبة، ثم انطلقت في شرح طرق بناء الصوت، والتوازن بين النغمات الحادة والمنخفضة، مع تعليم تقنيات القطع والوصل بين الجمل الموسيقية. ورغم أن الورشة دامت ساعة فقط، إلا أن المؤطرة اعتبرتها كافية لوضع الطلبة على السكة الصحيحة، شرط الاستمرار في التدريب.الكمان: حين تنطق الأوتار أما الورشة الأخيرة، فكانت مخصصة لآلة الكمان، تحت إشراف العازفة الروسية فاليري فورونا، وخلالها، قدّمت فورونا دروساً تطبيقية في التحكم بالآلة، وتصحيح الوضعيات، وتقنيات التنقل بين الأوتار. ولم يقتصر الأمر على العزف فقط، بل حرصت العازفة على شرح الخلفيات الفنية لكل تقنية، ليخرج الطلبة بجملة من المعارف التي من شأنها أن تصقل أداءهم مستقبلاً.ختام يتنفس الفن ورغم اختلاف المدارس والأساليب، اجتمعت هذه الورشات على فكرة واحدة: أن الموسيقى ليست مجرد أصوات، بل علم يحتاج إلى دقة، تمرس، وإحساس، وبين أنامل العازفين، وأنفاس المغنين، وشغف الطلبة، تجسّد في أروقة الأوبرا درس آخر في الجمال، عنوانه: أن الفن الحقيقي يُدرَّس، يُمارَس، ويُعاش.
الهدف من مثل هذه الورشات، هو تعليم الطالب كيفية التحرّر أثناء الأداء، واكتشاف صوته الحقيقي والأصلي وتطويره، وكذا التحكّم في المستويات التقنية وفي نفس الوقت المستويات الفنية.للتذكير توجد هناك العديد من الأشياء التي يجب أن تتوفر في الشخص المؤدي، لكي يكون ناجحا، أولها، الاسترخاء، خاصة، وأنا أقول ذلك دائما، أن تكون وفيا وجديا في الغناء، ومن تكون له مثل هكذا ملكات، يمكن له أن يكون حقا ناجحا في السيمفونية، ويمكن له أن يحقق ما يطمح له في هذا المجال في فترة قصيرة لأنه يملك مقومات النجاح. للإشارة فقط هي الزيارة الأولى لي للجزائر وقد استمتعت كثيرا، سواء خلال العرض الذي قدمناه أو الأجواء المصاحبة لفترة تواجدنا بالجزائر.
منذ سنة 2011 وأنا أزور الجزائر، حتى أصبحت اعتبر نفسي جزائريا، وما يعجبني، حقيقة، في الشاب الجزائر الحضور والحرص على التعلّم، وكذا حب الاطلاع والمعرفة في المجال الموسيقي، وهو ما أقف عليه في كل مرة أزور فيها الجزائر.أصدقكم القول إنّ الجزائر تمتلك الكثير من الأشياء التي لا توجد في العديد من الدول، أما بالنسبة للمهرجان الدولي، فهو في تطوّر مستمر من دورة لأخرى، خاصة من حيث الحضور والاهتمام والتنوع في الثقافات، وهو مناسبة لتبادل التجارب والخبرة في مجال الموسيقى العالمية، وكنت سعيدا بتقديم ورشة لمجموعة من الشباب، اعتبرها خطوة أولى تساعدهم على التطور مستقبلا.
في اليوم الثالث من فعاليات الطبعة الرابعة عشرة لمهرجان الموسيقى السيمفونية، تحوّلت دار الأوبرا الجزائر "بوعلام بسايح" إلى ورشة مفتوحة لاكتساب المهارات الموسيقية الدقيقة، حيث احتضنت سلسلة ماستر كلاس مخصصة لتعليم آلات الكمان والنفخ، بمشاركة أساتذة مرموقين من جنوب إفريقيا والدنمارك، وتعدّ هذه الورشات مساحة نادرة للطلبة والعازفين الشباب للاحتكاك بتجارب دولية رائدة والانغماس في تقنيات الأداء المتقدم.انطلقت الورشات مع الثنائي الجنوب إفريقي سامنثا دوران وشارون دي كووك، المختصتين في تعليم آلة الكمان، حيث استمرت الورشة من التاسعة صباحًا إلى العاشرة والنصف. قدمت العازفتان سلسلة من التمارين التقنية الهادفة إلى ترسيخ أساسيات الأداء الصحيح، مثل وضعية الجسم، القبضة السليمة للقوس، وحركات العزف المتنوعة كالـ legato وstaccato.لم يكن التدريب مقتصرًا على الجوانب التقنية فقط، بل تطرّق أيضًا إلى المهارات السمعية والموسيقية مثل قراءة النوتة، تمييز النغمات، والعمل على الأداء التعبيري الذي يمنح العزف طابعًا شخصيًا.يشار إلى أن سامنثا دوران من أبرز العازفات في أوركسترا الشباب الجنوب إفريقية، فيما تتميز شارون دي كووك بتجربتها الطويلة في التأطير الأكاديمي ومشاركتها في مشاريع موسيقى الحجرة بجوهانسبورغ.أما الفترة الممتدة من العاشرة والنصف إلى منتصف النهار، فكانت مخصصة لآلات النفخ الخشبي، تحت إشراف ثلاثة مؤطرين قدموا من الدنمارك، يمثلون مؤسسات موسيقية راقية في كوبنهاغن وأودنسه.أولهم رود سايمون روزنكيلد، أستاذ آلة الفلوت، الذي ركّز على المهارات التنفسية وتقنيات الدعم الهوائي، مع تدريب خاص على التحكم في الديناميكا والـ vibrato. ويُعرف روزنكيلد بنهجه التجريبي في العزف، إذ سبق وأن شارك في أعمال تجمع بين الفلوت والموسيقى الإلكترونية.ثانيهم غريدينغ هيريو يوهانس كريستوفر، المتخصص في آلة "الباسون"، الذي اشتغل مع المشاركين على تشكيل الفم الدقيق، ومهارات التحريك المتقدمة، إلى جانب تطوير الحس السمعي والانسجام اللحني. يوُعد كريستوفر من أبرز عازفي الباسون في أوركسترا أوروس الدنماركية، ويعمل أيضًا مدرّسًا في أكاديمية الموسيقى بألبورغ.وثالثهم ميكيل ييرلوف نورغورد، أستاذ آلة الكلارينيت، الذي قدّم تمارين مكثفة على القراءة اللحظية للنوتة، والتعامل مع التنقل السريع بين المقامات، إضافة إلى التفسير الموسيقي للمقاطع العاطفية، بالإضافة إلى تقنيات التنفس، ويُعرف نورغورد بانخراطه في مشاريع موسيقية معاصرة واهتمامه بتوسيع ريبيرتوار الكلارينيت في شمال أوروبا.وقد عبّر عدد من المشاركين عن إعجابهم بجودة التأطير، حيث قال أحد الطلبة "كان الأمر أشبه بتلقّي درس شخصي من موسيقي محترف... لقد غيّرت هذه الورشة نظرتي لعلاقتي مع آلتي"، من جانبهم، أكد المؤطرون إعجابهم بحماسة الطلبة، وعبّروا عن استعدادهم للمشاركة مستقبلاً في ورشات مماثلة.من خلال هذه الورشات، لا يكتفي المهرجان بتقديم عروض موسيقية رفيعة، بل يسهم في بناء جسور التكوين والتبادل الثقافي، ما يرسّخ مكانته كفضاء حيّ لتلاقي التقاليد الموسيقية وتطوير المهارات الفردية، في سبيل تعزيز حضور الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر.
1- ما الانطباع الأوّل الذي خرجت به وأنت تشارك في الطبعة الـ 14 من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية؟هي أوّل زيارة لي للجزائر، ونحن هنا لثلاثة أيام وأظنّ أنّه من الرائع زيارة هذا البلد الكبير والغني للاحتكاك بأهله وممارسة الفن والثقافة، خاصة وأننا كموسيقيين جنوب افريقيين وجدنا أناسا ودودين وطيبين، كما أنّ دار الأوبرا رائعة جدا.2- هل لديك دراية مسبقة بالموسيقى الجزائرية؟استمعنا خلال فعاليات هذا المهرجان إلى نغمات وموسيقى جميلة جدا ورائعة، لكن للأسف الشديد ليس لديّ معرفة بالموسيقى الجزائرية، لكن من خلال الاستماع إلى الراديو تمكّنت من الاقتراب من عدد من الطبوع الجزائرية، لكن لا أجد الكلمات التي تمنحها حقها وتصفها.3- تجمع بين الممارسة والتدريس (جامعة بريتوريا)، ما هي الإضافة التي قدّمها لك هذا الجمع في مسارك الفني؟أعتقد أنّه فتح عينيّ على ثقافات موسيقية متعدّدة، وسمح لي بالنهل من تجارب إبداعية عديدة، وأصدقك القول أنّ هناك قطع موسيقية في البرنامج الذي يقترحه الموسيقيون الجنوب افريقيون الليلة لم أكن على دراية بموجودها..ومن المثير للاهتمام أن أكتشفها وأنا أشارك في المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية بالجزائر.4- تتمتع بمسيرة مهنية ديناميكية كعازف منفرد، عازف ضمن موسيقى الحجرة ومدرس، ما سرّ نجاح هذه التوليفة؟أظن أن هناك بعض السر. لكني سأقول إن الشيء الأهم هو الحماس والاستمرارية في التعلم والتعريف بالثقافات.
أعربت السوبرانو الجنوب افريقيا "نونزواكازي" (سيفوكازي مافومولو) عن سعادتها بالمجيء إلى الجزائر قائلة "أنا سعيدة جدًا بالقدوم إلى الجزائر للغناء أمام جمهور واسع المعرفة، يتمتع بحس فني وإحساس عالٍ... الجزائر مدينة جميلة، أتمنى العودة إليها والحصول على الوقت لزيارتها ورؤية قصبتها، هذه المدينة التي يبلغ عمرها آلاف السنين، والتي قيل لنا إنها مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي".وواصلت نونزواكازي، الفائزة بالعديد من الجوائز في عديد المسابقات الدولية وقدمت عروضًا على أكبر المسارح العالمية بفضل صوتها القوي والناعم ونطاقه الواسع، حيث أسرت قلوب العديد من المعجبين في جميع أنحاء العالم، بالإشادة بالجزائر ملتقى كل الثورات العادلة، متوقفة عند الرئيس والقائد الراحل نيلسون مانديلا. الذي أحب هذا البلد الذي يُولي أهمية كبيرة لتنوعه الثقافي والتراثي.
في قلب أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح"، لم يكن مهرجان الموسيقى السيمفونية مجرّد فضاء للعروض والحفلات، بل تحوّل إلى معهد مصغّر للموسيقى العالمية، حيث أُقيمت سلسلة ورشات تدريبية متخصصة، أشرف عليها فنانون مخضرمون من مختلف مدارس الموسيقى الكلاسيكية العالمية. وتحوّلت هذه الورشات إلى محطات تكوينية ثمينة، وضعت الطلبة على درب التمرس، وقرّبتهم أكثر من أسرار الآلات والأداء السليم.ورشة البريتون: فن التنفس قبل الغناء في أجواء مفعمة بالتركيز، أدار الثلاثي المكسيكي كارلوس رينوزو، لويزا موردال ورولاندو غارزا ورشة متخصصة لفن غناء الأوبرا والموسيقى السيمفونية. ركّز المؤطرون خلالها على أساس لا غنى عنه في هذا الفن: تقنية التنفس. أكّد كارلوس رينوزو على أهمية التحكم في التنفس وتجاوب العضلات مع الأداء الصوتي، مشيراً إلى أن لحظات التوتر أمر طبيعي حتى عند المحترفين، كما دعا الطلبة للاهتمام بتسخين الصوت قبل الأداء، باعتباره خطوة ضرورية لأي مغنٍ يسعى لاحتراف فن البريتون. بدورها، اختارت السوبرانو لويزا موردال نهجاً عملياً مباشراً، إذ لم تتردد في تحديد مواضع التنفس لدى الطلبة بالإشارة واللمس، مبرزة كيف يمكن للتنفس السليم أن يصنع الفرق بين أداء عادي وآخر استثنائي. وتوجت الورشة بتبادل مكثف للتجارب، وسط إشادة المؤطرين بتطور مستوى الطلبة وسرعة تجاوبهم.عندما يتكلم البيانو بلغتين: ورشتان من اليابان وروسيا في موازاة ذلك، احتضنت قاعات الأوبرا ورشتين مخصصتين لفن العزف على آلة البيانو، أدار إحداهما العازف الياباني توشيكي أوسيو، والثانية العازفة الروسية صوفيا زاريكوفا. حرص "أوسيو" في ورشته التطبيقية على تصحيح وضعيات الطلبة أثناء العزف، من طريقة الجلوس وتحريك الأصابع، إلى كيفية ضبط الإيقاع المتواصل والتمكن من ديناميكية الانتقال بين النغمات. واعتبر العازف الياباني أن شغف الطلبة وحبهم للبيانو أهم من الموهبة ذاتها، وأشاد بوجود خامات موسيقية واعدة. أما زاريكوفا، فاستهلت ورشتها بسماع مقاطع أداء لبعض المتربصين، لتقف بعدها على تفاصيل تقنيات العزف السليم وفق قواعد الموسيقى السيمفونية، من تموضع اليدين، إلى آليات الحفاظ على النوتات وتحقيق الانتقالات السلسة بين الجمل الموسيقية. وكانت الفرصة مواتية لتصحيح بعض المفاهيم التي من شأنها أن تصنع موسيقيًّا حقيقيًّا لا مجرد عازف.السوبرانو: ما بين النفس والصوت قدّمت السوبرانو الروسية مارينا كونوفالوفا ورشة متخصصة لفن السوبرانو، حيث ركزت على كيفية التحكم في التنفس ومخارج الصوت، باعتبارهما حجر الأساس في هذا الأداء، كما استمعت كونوفالوفا إلى أداء الطلبة، ثم انطلقت في شرح طرق بناء الصوت، والتوازن بين النغمات الحادة والمنخفضة، مع تعليم تقنيات القطع والوصل بين الجمل الموسيقية. ورغم أن الورشة دامت ساعة فقط، إلا أن المؤطرة اعتبرتها كافية لوضع الطلبة على السكة الصحيحة، شرط الاستمرار في التدريب.الكمان: حين تنطق الأوتار أما الورشة الأخيرة، فكانت مخصصة لآلة الكمان، تحت إشراف العازفة الروسية فاليري فورونا، وخلالها، قدّمت فورونا دروساً تطبيقية في التحكم بالآلة، وتصحيح الوضعيات، وتقنيات التنقل بين الأوتار. ولم يقتصر الأمر على العزف فقط، بل حرصت العازفة على شرح الخلفيات الفنية لكل تقنية، ليخرج الطلبة بجملة من المعارف التي من شأنها أن تصقل أداءهم مستقبلاً.ختام يتنفس الفن ورغم اختلاف المدارس والأساليب، اجتمعت هذه الورشات على فكرة واحدة: أن الموسيقى ليست مجرد أصوات، بل علم يحتاج إلى دقة، تمرس، وإحساس، وبين أنامل العازفين، وأنفاس المغنين، وشغف الطلبة، تجسّد في أروقة الأوبرا درس آخر في الجمال، عنوانه: أن الفن الحقيقي يُدرَّس، يُمارَس، ويُعاش.
أشارت الميزو سوبرانو تايكا هينو إلى أنّ الفرقة اليابانية ستقدّم مقطوعات تقليدية وعصرية لكن أيضا مقاطع من الريبرتوار العالمي، وقالت "الكثير من الدول تقدّم معزوفات ووصلات أوبرالية عالمية في مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السيمفونية، وهذا شيء رائع، وهو ما يجعله يتمتّع بالتنوّع في الأنغام والموسيقات التي تعدّ بوتقة تلتقي فيها كلّ الشعوب.وواصلت الحائزة على الجائزة الثانية في المسابقة الدولية للأوبرا بأرخال الإسبانية بالتأكيد على أنّ كلّ الشعوب يمكن لها تقاسم الجمال الذي تحمله الموسيقى الكلاسيكية، وعن اختيارها لهذا النوع من الأداء في بلد يطبعه الميل الكبير نحو كلّ ما هو تقليدي، قالت الميزو سوبرانو إنّه بفضل التربية التي تلقتها حيث ترعرعت في فيينا عاصمة الموسيقى الكلاسيكية وهي من المعجبات الكبيرات بمغنية الأوبرا اليونانية ماريا كالاس، وأضافت أنّه منذ صباها كانت تفضّل تمضية وقتها في العزف على البيانو وشتى الآلات الموسيقية قائلة "وهذه هي قوّة الموسيقى".
أكّدت السوبرانو الروسية مارينا كونوفالوفا خلال تأطيرها لورشة "السوبرانو"، أنّ التحكّم في التنفس ومخارج الصوت أمر ضروري جدا في هذا الأداء، لذا يجب على كلّ من يريد النجاح في هذا الفن، أن يشتغل كثيرا عليها، وهو أمر مجهد لكن ليس بالصعب.وبعد استماعها لأداء بعض الطلاب، اعترفت المؤطرة أنّهم يعرفون كلّ المدارس، وهذا أمر مهم، كما حاولت بعدها، انطلاقا من من تجارب الأداء هذه، أن توضح طرق بناء الصوت انطلاقا من حركات الفم والتنفّس، للوصول إلى أداء جيّد، وهو الأمر الذي ركزت عليه كثيرا طيلة الورشة، كما نبّهت إلى كيفية القطع والمد بين الجمل، والنهايات والبدايات في التقديم، وكذا الربط بين النغمات الحادة والمنخفضة وهذا من خلال فتح الفم، وكيفية تحقيق التوازن في التنفس خلال الأداء.الورشة حضرها ما يقارب الخمسين طالبا، ودامت ساعة، وحتى وإن اعتبرتها المؤطرة غير كافية من أجل التمرس الجيد، لكن كافية لوضع السوبرانو على السكة الصحيحة.